كيف تصبحين ساحرة؟

أنا لا أتحدث هنا عن الساحرة ذات الأنف المعقوف والقلنسوة السوداء المدببة, بل عن نوع آخر من الساحرات. تلك التي تقف في المطبخ في يومٍ مشمسٍ لطيف, ترفع الغطاء عن وعاء يغلي على مهل, وتملأ المكان برائحة دافئة لذيذة. وجهها هادئ, ابتسامتها بريئة, وبين يديها طبق مزين ببتلات الورد الذهبية, وعليه قطعة حلوى خفيفة مغطاة بالسكر الناعم …

سحر كهذا لا يُصنع بالمقلاة والمكونات فقط، بل يبدأ من أعمق نقطة في الدماغ، وينتقل عبر الحواس كخيط غير مرئي من البهجة والحنين.

لطالما أحبّ دماغنا السكر. ليس لأنه مدلّل، بل لأنه يحتاجه. السكر طاقته المفضلة، ويعرف تمامًا كيف يكافئ من يقدّمه له. وعندما يحصل عليه بطريقة مفاجئة، حنونة، ومرتّبة بعناية، يربط تلقائيًا بين الطعم والشخص والموقف. هكذا تبدأ الحيلة الصغيرة: تتكرّر الحلوى، أو الشاي، أو الكعكة، فيتكرّر معها الإحساس، وتكبر الرابطة.

لا أحد يلاحظ ذلك، لكنه يحدث بصمت. وربما بعد فترة، يكفي أن يسمع صوتك في المطبخ، أو يرى الطبق المفضل على الطاولة، لتتسلل إليه مشاعر خفيفة من الامتنان والارتياح. وربما حب خفيّ لا يُسمّى.

السحر، كما اكتشفتُ، لا يحتاج أدوات غريبة ولا تعاويذ. بل هو قطعة من الحلوى صنعتِها بنفسك. أو كوب شاي، قُدّم في توقيت مثالي. وربما، لمسة خفيفة من دفء، في عالم يميل كثيرًا إلى السرعة والقسوة. 

ربما أنتِ أيضًا ساحرة، فقط لم تنتبهي بعد.

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
رؤية جميع التعليقات
0
الانتقال إلى خانة التعلقات.x
()
x